مرقد عون بن عبد الله
لم تخل ثورة الحسين (علية السلام ) من مواقف أبطالها حيث كان هنالك موقف
لكل بطل والكل كانو ابطالا، وأحد هؤلاء الابطال كان عونا، وكان عونا حقا
لنصرة ثورة غيرت بالفعل مسار تاريخ الرسالة الإسلامية بعدما اريد لها
الاضمحلال والموت. فهو عون بن عبد الله بن جعفر الطيار (عليهم السلام)،
وامه بطلة كربلاء زينب بنت علي ابن ابي طالب (عليه السلام) أمير المؤمنين
منبع الشجاعة، وفضلا عن شرف نسبه وعضمته، فهو رجل ذو موقف ثوري وبطولي
مستنصر اقتسمه مع الهاشمين ذوي المواقف المشرفة في طفوف كربلاء، وشاركهم في
إنارة درب المؤمنين لترسخ العقيدة الرسالية الحقة، وتبيان القيم النيرة
التي رسخها الإمام الحسين (علية السلام ) في ثورته على الظلم والطغيان،
ولقد جسد عون موقفه واصراره على استنصار الحق وترسيخ الفلسفة الإلهية في
الخلق والمال والبنى الاساسية للعقيدة من خلال قسمه يوم عاشوراء والمؤكد
رصانة الشخصية الاسلامية التي تبحث عن المجد في جنب الله عز وجل، وتحقيق
اسمى معاني الإنسانية، وهو يذر الكفر وسوء الظن والحيرة الصفات التي
انقذتنا واياه منها سنة أحمد المصطفى (صلى الله عليه وآله) التي مامن بعدها
سنة تضمن الحقوق الإنسانية جمعاء، وحصيلة ذلك الفوز برضى الله والتضحية
بالدماء ليقدمها قربانا يتقرب بها إلى العلي الأعلى حيث ارتجز مبينا:
أقسمت لا ادخل إلا
جنــــــــــــة
والفوز من بعد
انقطاع المنة
مواليا لأحمد وألسنه
هـــــــــو
الـــــذي أنقذنا بمنه
من حيرة الكفر وسوء
الظنة
ومثلما تشرفت ارض الطفوف بضم جسد الطهر المقدس علم الثائرين ابي عبد الله
الحسين (علية السلام) ومن معه من ثوار فقد تشرفت أيضا بضم جسد ابن أخته عون
بن عبد الله (عليه السلام)، حيث يقع مرقده على بعد عشرة (كم) من
مدينة الإباء واطهر الدماء مدينة كربلاء المقدسة حيث يصبح الطريق الذي يربط
كربلاء ببغداد على شكل قلادة تزينه زمردة زرقاء مزينة بالنقوش والزخارف
الإسلامية على الكاشي الكربلائي ألا وهي القبة التي تعلو المرقد الذي يتوسط
الصحن المحيط به (أي المرقد) ويتخذ الصحن شكلا مربعا يبلغ طول ضلع من
أضلاعه حوالي 100 متر وتعلو سورة الإنسان (هَلْ أَتى عَلَى الإِنْسانِ
حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً) (سورة الإنسان:
الآية 1) السور المحيط بالمرقد الذي يعلو 6 أمتار تقريبا ويتوسط ذالك السور
باب خشبي مزخرف وعند دخول الزائر لهذا الباب يواجه باب آخر كتبت بجانبه
زيارة الشهيد السيد عون (عليه السلام) وزيارة بطلة كربلاء أمه العقيلة زينب
الكبرى (عليها السلام)، وعند دخول الزائر الباب الثاني يواجه الضريح المقدس
للشهيد (عليه السلام) وهو ذا صناعة تميزت بالصلابة من الخشب الصاج المزخرف
بزخارف إسلامية أنيقة والبالغ طول الباب حوالي 4 أمتار وعرضه 3 أمتار
تقريبا، وهو يقع وسط القبة بالضبط وتعلو الضريح المبارك من أربع جهات
مزهريات أثريات وثلاث أخريات في داخله في حين تتدلى من أعلى القبة ثرية
كبيرة قد ازدانت بمصابيح علت الضريح المقدس وقد كتبت حول القبة وفوق الضريح
سورة الإنسان وأسماء أئمة العصمة من أهل بيت الرحمة (عليهم السلام)، وقد
أخذ الضريح شكلا مربعا مرمري الأرضية وقد شغل من المساحة 20 مترا مربعا،
وفي الجانب الأيمن خصص هناك مصلى للنساء يقابله من الجانب الأيسر مصلى قد
خصص للرجال، وقد وضعت في كلا الجانبين مكتبة لحفظ الذكر الحكيم (القران
الكريم).
أما الصحن فهو يحتوي على جانبيه مكان لجلوس العائلات واستراحتها، حيث وضعت
لهم مراوح سقفية وهنالك أيضا برادات ماء وسط الصحن الشريف الذي يحتوي على
بابين كبيرين على جانبيه فضلا عن الباب الرئيسية التي تؤدي إلى رواق الضريح
الخارجي.
تاريخ المرقد:
اختلفت الروايات والآراء حول مرقد السيد عون بن عبد الله، وتاريخ إنشائه
واستشهاد السيد عون مع خاله في واقعة كربلاء فهنالك ثلاث من الروايات حول
ذلك:
الأولى:
تقول بأنه جاء بتوصية من الإمام الحسين (عليه السلام) الذي أرسله لكي
يستنصر بني أسد ويعلمهم بقدوم الإمام (عليه السلام) وكان معسكر ابن سعد
يضرب طوقا لحصار معسكر الإمام الحسين (عليه السلام) فتكاثروا عليه (أصحاب
ابن سعد) عليهم العنة فقتلوه.
الرواية الثانية:
تقول بان الإمام الحسين (عليه السلام) أرسل حبيب بن مظاهر الاسدي (أحد رجال
وأبطال ألطف) ليستنصر بني أسد، ولكن حبيبا قال للإمام الحسين (عليه السلام)
أرسل معي أحدا من بني هاشم حتى يكون حجة لي فأرسل الإمام (عليه السلام) معه
عون بن عبد الله (عليه السلام) فجاؤوا بخمسمائة رجل ولكنهم تفرقوا عندما
رأوا كثرة جيش بن سعد (عليه العنة) فرجع حبيب إلى الإمام الحسين (عليه
السلام) وحاصر جيش بن سعد السيد عون (عليه السلام) فقتلوه.
الرواية الثالثة:
تقول إن عونا عندما استشهد بكربلاء بقي على ظهر جراده وهو يركض به حتى وصل
إلى هذا المكان فسقط ودفنوه هنا. وعلى هذه الروايات فان هذا مرقد الشهيد
عون وله كرامات كثيرة.
لقد نالت المراقد المقدسة في العراق ما نالت من ظلم وجور وإهمال وعدم
اهتمام من قبل الأنظمة الدكتاتورية في تاريخ العصر الحديث، وشمل هذا النيل
مرقد الشهيد السيد عون بن عبد الله (عليه السلام)، فلم يكن النظام ليفسح
المجال للخيرين المؤمنين بصيانة ورعاية المرقد، ولم يكتفي بذلك فحسب بل كان
يضايق زوار المرقد أيضا، حيث إن في يوم 13 من صفر الخير يكتظ المرقد
بالزوار الذين يأتون من مدينة كربلاء المقدسة وضواحيها وهم يقدمون ما
عندهم
من النذور ويبتهلون إلى صاحب العزة المنيعة عز وجل بمنزلة الشهيد السيد عون
(عليه السلام)، حيث كان أعوان النظام ألبعثي المقبور يقومون بقطع التيار
الكهربائي في ذلك اليوم ـ الذي أعتاده الناس في زيارة المرقد الشريف ـ
وقدوم قوات البغي ـ قوات الأمن ومخابرات النظام المقبور ـ ليضايقوا الزوار
حيث يتم اعتقال الكثير منهم، أما اليوم فإن أبناء مدينة الفداء أبناء مدينة
كربلاء المقدسة يقومون بالحفاظ على المرقد المقدس لتسهيل عملية الزيارة
وتقديم الخدمات لزوار المرقد.
عون بن عبد الله في زيارة مرد الرأس (زيارة الأربعين):
بجدر بالذكر بأن أيام الوفادة العالمية لكربلاء حيث أن أهل أرض الغري (أهل
العراق) يفدون لزيارة الإمام الحسين (عليه السلام)، وهي الزيارة المخصوصة
مشيا على الأقدام خلا أهل كربلاء فيبادر أهل كربلاء بالذهاب إلى مرقد
الشهيد عون بن عبد الله (عليه السلام)، ليفدون مشيا لزيارة سيد شباب أهل
الجنة حسين الشهادة وحسين الفداء (عليه السلام).
فالسلام على شهيد الإسلام السيد عون بن عبد الله (عليه السلام) يوم ولد
ويوم استشهد ويوم يبعث للشفاعة حيا.
|